الطفلة "مريم" الناجية الوحيدة من حادث احتراق الأسرة المصرية بالرياض:
آخر كلمات والدي: "خلي بالك من نفسك"
الطفلة "مريم" الناجية الوحيدة في حادث حريق شقة الأسرة المصرية في الرياض بحي "أم الحمام" ستذهب اليوم إلي مدرستها الابتدائية التي تحمل رقم 44 والقريبة من منزلهم القديم الذي شهد المأساة لم تعرف بعد أن أسرتها ماتت في الحريق يوم الاثنين الماضي والدها ناصر الشريدة ووالدتها ابتسام الشريدة وشقيقها عمر "5 سنوات" وضحي "3 سنوات"..
المدرسة التي انقطعت عنها يومين كل ما فيها يعرف أن الطفلة فقدت أسرتها وزميلاتها في الصف الثاني الابتدائي أيضا يعرفون إلا "هي".. ما تعرفه أن والدها سافر إلي أين لا تعرف.. الطفلة مازالت تتذكر آخر كلمة قالها لها والدها علي باب المدرسة عندما أوصلها بسيارته صباح الاثنين مع أبناء عمها الذين يدرسون معها وقال لها "خلي بالك من نفسك يامريم" وكأنه يودعها وهي لا تعلم أن هذه آخر كلمات ستسمعها من والدها "مهاب" كما تسميه حيث إنها تناديه ب "مهاب" اسم الشهرة..
وكذلك ساندوتش المربي بالجبنة كان آخر ساندوتش أعدته والدتها لها.. ولم تأكله لأن أسرتها أخرجتها من المدرسة فور علمها بالحادث عندما أرسل عمها من يأخذها لدي أسرة صديقه لكي لا تشاهد المأساة التي حلت بأسرتها والحريق الذي أكل كل شيء واللعب التي كانت تلعب بها مع شقيقها وشقيقتها ولم يبق وسط الحريق الذي صهر كل شيء إلا كتاب الله انصهرت علبته وبقي المصحف الموضوع في الصالة مع لوحة كتبت عليها آيات قرآنية فقط وكل ما هو حولها صهرته النيران تماماً!!
كان واضحاً أن الفقيد الأب والأم فصلتهما النيران عن بعضهما والأب حمل طفليه اللذين ماتا في يديه أثناء اتجاهه لباب المطبخ ليكون قريباً من الشباك لكن الدخان كان أسرع وهو المسبب الأول للوفاة فقد مات محتضنا ابنيه ضحي وعمر أما الأم فقد ماتت أيضا مختنقة داخل غرفة النوم من آثار الدخان الذي أكل المدخل والصالة الرئيسية في الشقة والحجرة الفارغة "المستودع" الذي كان يحفظ فيها حاجياته وذكرياته في أيام التهجير عام 1967 عندما كان في الشرقية قبل عودته إلي بورسعيد عام 1973 بعد الحرب وقبل أن يعمل في السعودية منذ 12 عاماً.
الطفلة "مريم" الصغيرة تحدثت ببراءة أمس وقبل ساعات من معرفتها بالحادث حيث إنه بالتأكيد ستعرف في الفصل الدراسي تفاصيل ما جري مهما كانت الحيطة والحذر.
مع من وصلتي المدرسة آخر مرة؟
مع بابا "مهاب".
هو اسمه ناصر؟
لا هذا اسمه في شهادة الميلاد لكن "تيتا" تقصد جدتها لأمها تقول له يا"مهاب" واحنا في الإجازة ببورسعيد.
الساعة كام وصلت المدرسة؟
السابعة صباحاً قبل الطابور.
ماذا قال لك عند باب المدرسة؟
يامريم خلي بالك من نفسك
ومن أعد لك ساندويتش المدرسة؟
ماما.. وكان ساندويتش مربي بالجبنة.
هل شفت شقيقيك عمر وضحي قبل ما تروحي المدرسة؟
نعم.. لأن عمر كان عايز اشتري له حاجة من مقصف المدرسة.
واشترتيها؟
لا.. لأن عمو أخذني من المدرسة قبل الساعة 11 وماشترتش الحاجة لعمر.
مين بيراجع لك الدرس عندما تحضري من المدرسة؟
ماما وهي اللي تعطيني درس الحساب والعربي والرسم..
في الإجازة في مصر بتروحي فين؟
عند "تيتا" والدة ماما في بورسعيد وعند قرايب بابا وماما.
الطفلة "اليتيمة" تعيش الآن في كنف عمها وحضانته محمد السيد شريدة وسط جهود من القنصلية العامة السفير فوزي العشماوي لترتيب إقامتها والحقيقة تفاعل أبناء الجالية والأخوة السعوديين مع الطفلة كبير فقد عرضت أكثر من 100 أسرة استضافة مريم ذي الثمانية أعوام..
كما أن الكثيرين بادروا بالمساعدة.. لكن رغم أن عمها محمد السيد شريده وشقيقه أحمد الذي كان يعمل مع الشقيق المتوفي ناصر وخال الطفلة حسام الذين يعملون في الرياض الكل يسعي لأن تعيش معه.. لكن السيدة التي تتمني أن تعيش معها فهي جدتها التي تسكن في بورسعيد وعبرت برغبتها عن ذلك فهي كما تقول الباقية من رائحة الحبيبة ابتسام ابنتها التي كانت قد أقامت معها خلال آخر إجازة لها في مصر قبل 8 أشهر تقريباً.. الطفلة مريم أنقذتها العناية الإلهية بذهابها للمدرسة.. لكن لا نعرف ماذا تخفي لها الأيام عندما تعرف أنها فقدت أسرتها.